الوجه الآخر للبتكوين...ليس بريء كما تتصور !
البعض من المتداولين لا يعرف عن" أداة الدفع" البتكوين إلا القليل، أي الجانب المضيء والمشرق منها على انها أول عملة رقمية مشفرة وافتراضية ، وانها تتداول في منصات خاصة، وتخضع لخاصتي الطلب والعرض، ويمكن من خلالها تحقيق ارباح خيالية وفي وقت سريع. لكن هل تساءلت يوما عن الجانب المظلم من عملة البتكوين؟
البتكوين ليس بريء كما تتصور فهو أداة للدفع في عالم غامض ربما لم تكن لتعرف عليه شيء، أو انك تسمع به فقط وهو "الانترنت المظلم DARK NET" والذي لا يمثل منه الانترنت العادي الذي نستعمله سوى 5% ، كان هذا قبل ان يصبح البتكوين عملة افتراضية ولازل مع تقلص متذبذب بعد توقف أكبر سوق سوداء "بالديب ويب" .
وتكمن قوة البتكوين في دعم المحظور من الفيروسات والبرمجيات الخبيثة والارهاب والمخدرات وتجارة الاسلحة وتجارة البشر وتبيض الاموال... وتعتبر هذه الممنوعات اكثر الوسائل غير القانونية التي اشتهر بها البتكوين في السوق السوداء للأنترنت المظلم في صيغته الأولى قبل أن يصبح ضمن الاستراتيجية الجديدة متاحا للعموم.
ولعل أخطر هذه الاستعمالات التي عايشنا اهم لحظاتها واستعدينا لها بكل قوانا هو فيروس وانا كراي wannacry - فيروس وانا كراي wannacry
كل مرة يظهر فيروس خطير. لكن فيروس وانا كراي wannacry كان إسثتنائيا فقد اعتمد لأول في مجال الفيروسات على وسيلة دفع الكترونية افتراضية ومشفرة واحدة.
وتعتبر هذه الخطة الخبيثة هي أكبر حملة اشهارية بطريقة ذكية ومتطورة لدعم البتكوين حيث اعتمدت بالأساس على البتكوين كأداة دفع. وحددت الفدية بقيمة ثابتة. والغرض طبعا لم يكن معطيات مستخدموا الانترنت، بل اشهار العملة لأكبر عدد من ضحايا الفيروس، وبالتالي شراء العملة ودفع الفدية لتحرير المعطيات الرقمية المشفرة، التي قام الفيروس ب تشفيرها على الحاسوب وعند تحقيق الشرط تحصل على معطياتك كاملة.
وللإشارة فمباشرة بعد هذا الحدث العالمي انتعشت سوق العملات الرقمية واصبحت كلمة(وسم/tag) البتكوين أكثر الكلمات الدلالية بحثا في الانترنت، وتسجل معظم المصابين بالفيروس في منصات التداول الرقمية والاغلبية دفعت الفدية.
- المخدرات والدعارة والقمار
ولم يقتصر استعمال وانتشار البتكوين فقط في الفيروسات بل شمل حتى المخدرات:
نذكر أن اللامركزية المالية الرقمية تلعب دورا محوريا في التجارة غير القانونية وتنتعش بشكل كبير جدا في الانترنت المظلم، وتتخذ وسائل دفع متطورة نعلم عنها القليل فقط، بعد ان استبعدت الوسائل التقليدية المركزية وبالتالي التعقب والقبض على المجرمين.
وكما يقال "الحاجة ام الاختراع"، تم اعتماد الانترنت الخفي وعملة البتكوبن أهم وسيلتين في تجاوز المركزية والتعقب، وبالتالي الافلات من قبضة العدالة وتحقق لهم ذلك نسبيا.
غير أن طابع الاجرام يلاحقه البحث العلمي في اي مكان، وكلما امسك بعض خيوطه تشعبت خيوط اخرى، وفي المقابل تشتغل المنظومة غير القانونية هي الأخرى بطرقها الابداعية الخاصة.
حيث فكروا في جعل البتكوبن عملة عمومية تستحيل معها عملية التعقب للمحافظ وملحقاتها، وفي المقابل تم خلق عدة عملات لغرض معين كعملة خاصة بالإتجار في المخدرات وعملة خاصة بالجنس وعملة خاصة بالفديات وعملات خاصة بالقمار، وهي عملات نتعامل بها نحن "المتداولون الصغار الأبرياء" بشكل يومي على منصات التداول ولكن لا نعيرها إنتباهنا، مما يتولد معه سؤال محير آخر: ما مدى شرعية التعامل بهذه العملات بالخصوص من الناحية الدينية؟ وهكذا وفي مقابل هذه العملات طبعا ظهرت عملات لا تعرف الغرض الاساسي المنشأ لها ، غير انها تصنف نفسها عملة، تخضع هي الاخرى لخاصيتي السوق العرض والطلب، بل اصبحت لها مشاريع افتراضية واخرى ملموسة وفي اطار قانوني وهي الموجودة بكثرة اليوم.
- البتكوين اكثر استعمالا في الدول النامية والفقيرة ومن طرف المافيا و"الجماعات المتطرفة".
وتنتعش هذه العملات بشمل كبير في كل من دول امريكا اللاتينية واسيا والشرق الاوسط، وخير نموذج حي هي تجربة "الجماعات المتطرفة" التي ظهرت في بداية 2011-2012 وانتعش معها البتكوين انتعاشا كبيرا، وقد عجزت الحكومات عن ايقافه وتعقبه، بل الاكثر من ذلك حارت في وسائل تمويله والجهات المسؤولة عن ذلك، وخلال هذه الفترة كان الاقبال مقتصرا على العملات المشفرة والتي كان البتكوين أساساها، وربما هناك عملات مخصصة لهذا الغرض لكن لسنا على علم بها أو أنهم لايريدون لها ان تعرف لدى العموم.
- الحرب الاعلامية بين كوريا الشمالية والصين والولايات المتحدة الأمريكية
ومنذ تلك الفترة الى الآن انتعش البتكوين بشكل ملحوظ، هذا إضافة الى عوامل أخرى كتجارة الاسلحة والصفقات الكبيرة المحظورة التي عشنا أههم لحظاتها مع زعيم كوريا الشمالية والصين في معركة افتراضية من نوع خاص في حرب الكترونية هوجاء الاولى من نوعها والاقوى في التاريخ الحديث اذ استهدف الحصول على أكبر احتياطي من عملة البتكوين بالدرجة الاولى واختراق مواقع حكومية وشخصيات سياسية للحصول عل معطيات حساسة تهم منطقة اسيا وامريكا والشرق الاوسط.
- تجارة البشر والأعضاء البشرية
ولا يقتصر استعمال البتكوين على ما ذكر بل يتجاوزها الى أبعد من ما سبق وتتجاوز المخالفات الى التجارة السالبة للحرية كتجارة البشر والاتجار في الأعضاء البشرية
نكررأن البتكوين ليس بريء كما نراه اليوم فهو وسيلة دفغ اساسية للاعضاء البشرية لإخفاء الهوية ، وينتعش بالقارة الافريقية وآسيا وبعض دول امريكا اللاتينية، وتعتبر اروبا الوجهة الاساسية لها، خاصة الاعضاء البشرية للمختبرات العلمية المحضورة والسرية . او الاتجار في الاعضاء البشرية وتوفير "قطع الغيار" من القارة السمراء إلى القارة العجوز،ولبعض الشخصيات النافذة، وطبعا لن يتأتى هذا إلا بالعملات الرقمية غير المركزية وذات الخصوصية العالية والحماية القوية والتي تمثلها طبعا عملة البتكوين.
- خلفيات محاربة البتكوين من طرف حكومات الدول النامية
فلا تستغرب بعد هذا ان تسمع دولة ما تحارب البتكوين، فلا تتعجل وتقل أنها دولة متخلفة ولا تساير السوق العالمية الرقمية ومنظومة البلوكتشين، أوأنها لم تعد تربح من العمولات المصرفية ، وما يواكب ذلك من حجج المدافعين عن غير علم دقيق بخبايا الامور.
فردة الفعل هذه تتمظهر في نظرية المؤامرة التي تنتهجها أي دولة لحماية اموالها والتحكم في السيولة المالية الداخلية، التي من شأن إهمالها السقوط في ازمات مالية قوية تعصف بالبلد ككل، خاصة البلدان العربية التي تعرف ثورات شعبية قد تؤدي الى ترحيل اموال طائلة، وهذا ما سقطت في الحكومات التي تم الاطاحة "بزعمائهم" ، حيث عثروا لديهم على مبالغ مالية ضخمة في الأبناك المحلية والعالمية، والتي كان سهلا تعقبها.
في حين لو استعملت المحفظات الإلكترونية -او ربما كانت مستعملة ولم تكن معلنة- لكانت الثروة في يد الورثة بطرق ملتوية ،لكن في النظام الحديث من المستحيل حصر الاموال المنقولة ولا مكان الإحتفاظ بها ولا من يمكن أن يستغلها ،
وهذا ما جعل البعض يتساءل عن مصير البتكوين المفقود عن طريق الخطأ نتيجة الارسال والنسيان وموت الاشخاص؟ وما مدى امكانية استرجاعه للتداول ردا ضد الذين يقرون بأنها مستحيلة حاليا ؟
- هل العملات الرقمية مسقبل السوق المالية أم مجرد مراهقة مالية عابرة"
ختاما، في غالب الاحيان ننظر الى الجانب المشرق من الاشياء ونهمل الجانب الآخر. وربما هذا الأخير يكون هو الاساس لفهم بعض الردود الاحترازية من بعض الحكومات والتي يعتبرها البعض "تخلفا فكريا وماليا وتراجعا الى الوراء".
ولكن الحقيقة غير ذلك تماما بل ربما يمكن تشبيهها "بمراهقة مالية عابرة" من الصعب إدراكها في وقتها، لكنها قد تكون ادمانا على سلوك مالي غير سوي ونحن لا ندري، وقد تكون نتاج تربية مالية مستهدفة لا تريد منا ان نكون إلا خاضعين ماليا وغير متحررين، وان نعتقد ان الحياة لا تستقيم الا بالمركزية وسياسة "اعرف عميلك" بعيدا عن اي أمل في مستقبل مالي مستقل ومحمي ،لك كامل الحرية فيه وهو ما يمثله سوق العملات الرقمية عموما وعملة البتكوين بالخصوص.
تعليقات
إرسال تعليق